بينما تتجه أنظار الداخل والخارج نحو الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء اللبناني، يحتدم الجدل السياسي والشعبي حول مسألة نزع سلاح “حزب الله” — الجدل الأشد حساسية في الجمهورية منذ اتفاق الطائف.
الهدف الظاهر للجلسة: تحديد آلية وجدول زمني لتسليم سلاح الحزب إلى الدولة.
أما الواقع السياسي: لا قرار سيتُخذ، ولا سلاح سيتسلّم.
حزب الله: السلاح عقيدة لا أداة
في مواقفه الأخيرة، كرّر الحزب عبر مسؤوليه ونوابه أن “السلاح هو جزء من وجود الحزب وهويته”، وأن أي محاولة لنزعه أو نقله إلى الدولة هي “مشروع فتنة داخلية” وامتداد لضغوط خارجية، خصوصًا الأميركية والخليجية.
الحزب يعتبر نفسه ميليشيا مقاومة تطورت إلى قوة إقليمية، لكنه لا يخفي أن “سلاحه خارج شرعية الدولة” بمفهومها التقليدي.
مجلس الوزراء في مأزق ثلاثي الأضلاع
القرار المطروح يحمل في طيّاته ثلاثة تحديات كبرى:
المجتمع الدولي يضغط… ولكن!
لبنان يتعرض لضغوط فرنسية، أميركية، وخليجية لدفعه نحو “حسم موقع السلاح” في الدولة.
مصادر دبلوماسية تفيد أن أي مساعدة مالية أو سياسية في المرحلة القادمة ستُربط بموقف واضح تجاه حصر السلاح بيد الشرعية.
لكن، كما تؤكد الوقائع، لا تملك القوى الداعمة في الخارج رافعة داخلية حقيقية لتنفيذ هذا الطلب.
ما بين الحقيقة والوهم: هل الدولة جاهزة؟
السؤال الجوهري: هل الدولة مستعدة فعلًا لتحمّل مسؤولية الأمن الوطني من دون “حزب الله”؟
في ظل انهيار المؤسسة العسكرية، تراجع ثقة المواطن، وتحلل القضاء، يبدو أن الدعوات لنزع السلاح — رغم شرعيتها الدستورية — ما زالت شبه رمزية أكثر منها عملية.
رأي وتحليل: هل نحن أمام مشهد شبيه بسوريا ما قبل الانفجار؟
إن الإصرار على مناقشة موضوع بهذا الحجم في ظل ظروف سياسية منقسمة واقتصادية متدهورة، دون وجود توافق داخلي أو استراتيجية بديلة، هو أشبه بإشعال فتيل من دون معرفة اتجاه اللهب.
سلاح “حزب الله” ليس مجرد ملف أمني، بل هو جزء من نظام القوى الحاكم، ومنظومة إقليمية تشكّل معادلة ردع وجذب في آن.
وأي مقاربة “قانونية” أو “دستورية” له دون تفكيك المنظومة السياسية والأمنية المحيطة به، تبقى خطابًا للاستهلاك الدولي أكثر منها مسارًا واقعيًا.
خلاصة:
الجلسة الحكومية قد تُعقد… وقد تُصدر موقفًا…
لكن القرار سيبقى معلقًا في مكان واحد: حارة حريك، لا السرايا.
وحتى إشعار آخر، يبقى سلاح الحزب خارج التداول القانوني… وداخل المعادلة الفعلية.
نبيل الأيوبي