منذ سنوات ونحن نشهد في الخطاب السياسي والإعلامي استعمال مصطلحات ومفردات تُنتقص منها كرامة الناس وتُحصر المجتمعات في قوالب ضيقة. ومن أكثر هذه المصطلحات شيوعًا وصف الطائفة الشيعية بـ “البيئة” أو “البيئة الحاضنة”، وكأنها مجرد مساحة صمّاء يُختزل فيها الشعب وتُسلب منه إرادته.
إن الاستمرار في تداول هذا التعبير فيه إهانة لشريحة واسعة من اللبنانيين الذين يشكّلون جزءًا أصيلًا من نسيج الوطن. فالشيعة في لبنان ليسوا “بيئة” ولا “حاضنة”، بل هم شعب وأمة، لهم تاريخهم وإسهاماتهم الوطنية والثقافية والاجتماعية، كما لهم الحق الكامل في أن يُنظر إليهم باعتبارهم شركاء متساوين في الوطن.
إن مصطلح “البيئة” يوحي ببؤرة مغلقة أو تربة خصبة لاحتضان الفساد والعنف، بينما الواقع أن ما نعيشه هو نتيجة خيارات سياسية واقتصادية خاطئة أو متعمدة، لا يتحملها شعبٌ بعينه. وإزاء ذلك، فإن من الواجب على النخب السياسية والفكرية والإعلامية أن تقلع عن استخدام هذا التعبير، وأن تستبدله بمصطلحات تليق بالإنسان وكرامته: “الأمة”، “الشعب”، أو في أسوأ الحالات “الطائفة”، مع التأكيد أن لبنان اليوم بحاجة إلى ما هو أوسع وأشمل من مجرد تصنيفات طائفية.
إننا أمام مرحلة دقيقة من تاريخنا، حيث تزداد التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وحيث يُفرض علينا أن نتداعى جميعًا – شيعة وسنة ومسيحيين ودروزًا – إلى اللقاء الجامع والشراكة الفعلية. فالوطن لا يُبنى بالمصطلحات المقيّدة، بل بالاعتراف المتبادل وبإرادة صادقة في العيش المشترك.
فلنخرج من أسر الأوصاف المشوهة، ولنعمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الواحدة والشعب الواحد، لأن كرامة كل طائفة هي جزء لا يتجزأ من كرامة لبنان بأسره.
مدير الموقع
نبيل الايوبي